.
.
.
.
إليكـ يامن قلت :
وأسمعت كلماتي من به صمم
.
أبو الطيب المتنبي
أتعلم !
عندما قرأت هذا البيت لأول مرة تساءلت متعجباً :
كيف يعقل أن يكون هذا!
كيف للأعمى أن يرى وكيف للأصم أن يسمع
لم أدركـ بأنني فهمت المعنى الظاهر فقط لهذا البيت وجهلت المعنى الحقيقي المقصود .
فعزمت أن أبحر في مسيرتكـ الأدبية لعلي أجد ما يشفي صدري من إجابات لتساؤلاتي . وبعد جهدٍ جهيد وبحث عميق وجدت ما أبحث عنه , وعرفت السر الذي جعلكـ تتربع على قائمة الأدب العربي .
لقد إشتهرت بحدة الذكاء ، وتمكنت من اللغة العربية وقواعدها ، وقلت الشعر صبياً ، فَحُقَ لكـ أن تكون من أعظم شعراء العرب .
كيف لا وقد تميز شعركـ بالحكمة والإعتزاز بالعروبة والافتخار بالنفس والشجاعة ، مما جعلكـ مفخرة للشعر والشعراء .
فعندما تقول :
وأسمعت كلماتي من به صمم
أستشف روعة أدبكـ وتمكنكـ من اللغة العربية ، وعندما تقول :
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
أستشف الافتخار بالنفس ، وعندما تقول :
الرأي قبل شجاعة الشجعانِ
هو أول وهي المحل الثانِ
فإن هما اجتمعا لنفسٍ مرةٍ
بلغت من العلياء كل مكانِ
أستشف الشجاعة ، وعندما تقول :
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً
فلا تظنن أن الليث يبتسم
أو تقول :
يعيش المرء ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العود ما بقي اللحاء
أو تقول :
إذا لم يكن من الموت بدٌ
فمن العار أن تموت جبانا
أو تقول :
إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير
كطعم الموت في أمر عظيم
أستشف الحكمة التي وجدت في أغلب شعركـ .
أقول لكـ أيها الشاعر الفذ :
ما زلت تعيش بيننا من خلال أدبكـ الراقي الذي تركته لنا ، وما زالت كلماتكـ تتردد على أسماعنا ، وتلكـ المعاني العظام مازالت عالقة في أذهاننا ، فأنت مفخرة للأدب العربي ، وأبياتكـ الخالدة خالدة في عقولنا .
وأخيراً أقول لكـ :
أعلم أنني لن أفيكـ بكلماتي ، فأنت أكبر منها ، لكنني أحببت أن أقول لكـ بكلماتي المتواضعة ما لمسته من روعة بفكركـ الأدبي ، الأمر الذي يجعلني أقرأ لكـ دون كلل أو ملل ، فأدبكـ يستحق عناء الإبحار فيه بعمق .