2016-07-09, 01:41 AM
|
|
فَيْءٌ اللفاءِ
علمني حبكِ يا فتاين الرنو إلى غدٍ مشرقٍ وأملٍ باسمٍ تبتسم فيه الدنيا ويولِّي جحفلُ النأي الأدبار ويتبدل سعيره إلى نعيم الوصل وهجير الفراق إلى فَيْءِ اللقاء وشظف الحنين إلى دَعَةِ الحب وخَفْضِه فيقف زحف الوشاة وتُهزم جموع النوى وتُبدَّد جيوش الجوى وتُرفع رايات النصر فيُروى ظمأ الفراق ويُتخم سَغَبُ النأي الذي أرمض القلب فننعم بظل الحب الوارف ونتفيأ ببستانه عن صَخَدِ السنين العِجَاف المرمضة لأنكِ وأيم الله يا فتاين لستِ من أحب النساء إلي بل أنتِ أحبهن إلي وأعزهن لدي ولو قيِّض لهذه المضغة التي في صدري أن تحدثكِ لأخبرتكِ كم أحبكِ وأهيم بكِ ولا يؤنسني إلا التفكير بكِ والتعريج كثيراً على المكان الذي رأيتكِ فيه أول مرة وحب بعض الأماكن وارتيادها كثيراً وإن لم يكن لي فيها حاجة لأنها وجدتْ بالعام الذي أتيتِ به إلى حيِّنا وتيمتُ بالصبا أشد تتيمٍ لأني رأيتكٍ وأحببتكِ فيه فإن وجدتِ بقلبي غيركِ وغير الحبيبة من عهد الصبا ففوِّقي إليه سهام البَين وأقصديه بسيوف الحَين واقذفيه بمفازة التيه من غير إثمٍ ولا قِوَدٍ فمذْ صبوتُ إليكِ في عهد الصبا لم أحل عن هواكِ قط وها هي الأيام تمضي والأعوام تنقضي وأنا أنتظر ولن أمل ولن أكل من الانتظار حتى تمل الشمس من الشروق والقمر من البزوغ والبدر من الاكتمال والنجوم من اللمعان والمطر من الهطلان والدمع من الوكفان والقلوب من الخفقان والفراق من تبديد الشمل والحب من غزو القلوب والهجر من حرق الأفئدة .
بكِ بدأتُ أحرفي وبكِ أختمها فأستودعكِ الله الذي لا تضيع ودائعه يا فتاين .
ظلموكِ والرب حين شبهوكِ بالوردة والنرجس والشادن والجؤذر والشمس والقمر والليل الأسحم والنهار الوضَّاء وخاتم سليمان وخوط البان وحق العاج والبلور وغيرها من الأوصاف وكان الأجدر بهم لو شبهوها بكِ فمثلكِ يضرب بها المثل ولا تشبَّه بالأشياء بل تشبَّه الأشياء بها وإنه لينتابني العي وتكتنفني الحيرة يا فتاين حينما أريد أن أبعث لكِ سلامي وحنيني فهل أبعثهما مع القمر وأنتِ نوره أم مع الورد وأنتِ شذاه أم مع الهواء وأنتِ نسيمه أم مع الصباح وأنتِ نداه وضياه أم مع ماذا فإني ما ذهبتُ إلى شيء إلا ووجدتُّ فيكِ أجمل صفاته وأرقها وليس فيه من صفاتكِ شيء فهن إما جمادات أو عجماوات .
tQdXxR hggthxA
|